أذكر
أنني قبل يومين من الزمان كنت قد ضقت ذرعا بما آلت إليه الأحوال . لم أبالي حينها
بشيء في حياتي ، كنت حينها قد عشت أسوأ المواقف و أيضا أكثرها أخذا للقلب . تقلبت
كثيرا في مشاعري باحثة عن مخرج مما أنا فيه ، لدرجة أنني لا أتذكر حتى آخر مرة
مررت فيها بمثل هذا الضيق في حياتي .
كان كل
شيء أسودا ... بالرغم من ذلك تابعت أيامي يوما تلو الآخر .. أتأمل مع كل اشراقة
صباح بصيص أمل ما لا أعرفه ، أتفاءل بالوجوه المبتسمة حين أراها و إن كنت لا أعرف
الحكايا المخبئة في حناياها ... أنبهر حين أرى طفلا يمسك بأذيال ثوب والده ، يترنح
يمينا و شمالا محاولا بكل براءة مواكبة خطواته .. يبتسم للمارة .. ويسأل عن كل
صغيرة و كبيرة .. و أضحك في أعماق قلبي حين أسمعه يقول لوالده " البت دي ماشة
وين ؟ "
يا إلهي كم أحببت براءته !!
يبدو ان الحياة لا تتوقف عندي .. و يبدو انه حتى السواد .. اكتسى عندي بجماله
الخاص ، فحين تضيق الدنيا تدفعنا بقوة لملاحظة مالم نكن نلحظه من قبل ... ربما هي
محاولة كي نتأمل في الزوايا التي كنا نعدها " هوامش الحياة " ، ربما تلك
الصغائر تعني أكثر بكثير من أي شيء آخر .
أحيانا
يأتي الفرج من حيث لا نتوقع ... لم أكن لأظن أن شيئا بسيطا يمكن ان يكون مخرجي ، أدركت
أن الدنيا مهما اسودت فإن هنالك أشخاص استودع الله تعالى فيهم شيئا من رحمته ، يرسلهم
ملائكة بين عباده .. هنالك من لا يدرك انه و بكلمة بسيطة غير مجرى حياتك ، ألهمك ،
أدخل سرورا في قلبك ..
هم أشخاص
عادييون ، يستيقظون كل صباح باكر في كل يوم ، يباشرون أعمالهم المعتادة .. يعتريهم
كل ما قد يعتري البشر من مواقف .. ما
يميزهم أنهم مخلصون !
لقد أنقذني إخلاص إنسان في عمله من ذلك المنحدر الذي آلت إليه نفسي ...
ربما لا يدرك كم إنسانا ألهم ، ولكنني ادعو الله أن يرزق المخلصين فرجا من كل هم و
ضيق .. و أن يمنحهم عطاء يليق بهم هم فقط و مكانة عنده لا يعلمها سواه .
يبدو أن
كل شيء يتغير من حولنا حين يتغير مافي دواخلنا . أنفسنا و أرواحنا .. وحتى أعيننا
التي نرا بها
فنبصر
اخيرا ثنايا لم نكن ندركها .