الثلاثاء، 4 نوفمبر 2014

لكي لا أجن

كلنا في درجة ما من العمق بداخلنا .. نعلم جيدا أن هنالك ما لايشفيه الزمن ، أن هنالك أنواع من الخذلان لا تبارح الذاكرة ، و أحيانا آلام عميقة ، أو عدم ارتياح في القلب لأمر لا ندركه بوعينا ..
عموما ، كنت قد تركت الواحة الخضراء .. و حركني حبي الكبير لهذا العالم المليء بالعجائب .. لأن أتسلق الجبال التي تحيط بالواحة من كل جهة ، كان المغامرون يتجهون شمالا عند كل مغامرة جديدة ، كان المتفائلون يتجهون شرقا .. تيامنا منهم .  فاتجهت أنا مابين الجنوب و الغرب .. لم أسلك طريقا واضحا .. بل سلكت طريقا مجهولا تعتريني فيه الدهشة عند كل منعطف ...
وصلت إلى الجبال الفاصلة بين ما أعلم و ما لا أعلم ، بين ما أريد و ما أهاب ، بين الآن و الغد و كل مصيري .. و صلت هنالك و لعلي توقفت لبرهة أتأمل .. و قليلا أنازع نفسي .. أن أعود ، أو أذهب مع رفيق يؤنس خوفي ، ولكني عزمت الأمر أخيرا .. بأن أمضي لأتسلق الجبل .
الرحلة إلى الأعلى مخيفة جدا ، مع كل نفس آخذه تمتلئ رأتاي بهواء لم أعرفه من قبل ، مع كل خطوة نحو الأعلى كانت دواخلي تتغير ، كانت مخاوفي تزداد ، و شهيتي لأعرف أكثر تنمو بطريقة مخيفة ..  لن تمكنني من السيطرة عليها بعد الآن ..
و صلت إلى القمة وكلي مزيج من كل شيء ، كل المخاوف و الرجاء ، كل التأملات و الخيلات و الواقع ، و كل شيء من ظلام و نور .. وصلت إلى الأعلى لأجد الأرض جرداء .. ليست قمة جبل هذه .. هذه أرض المتاهات!
كانت الأرض مسطحة حتى الأفق ، على الأرض كم هائل من الحفر ، كنت أخطو بينها و تفصلني عن الهاوية زلة قدم لألقى حتفي في الظلام ..
أنا لا أرى النهاية .. وسرت بعيدا لدرجة أنني تهت عن البداية .. أنا الآن في وسط الوهم و التوهان ، أسمع أصواتا تأتي من الظلام الذي ينبع من أسفل ، أنظر إلى الأعلى لا لأجد السماء ..
كنت أغمض عيناي لأرى نجمة .. و أغمضها أخرى لأرى زهرة تبتسم في البستان .. إلى أي حد مضيت بعقلي ؟ إلى ذلك الحد الذي لا عودة منه ..
ووسط خوفي ورجائي ، أستسلم لحظة للنوم على شفا هاوية بجانبي .. و أحلم أنني بالواحة الخضراء .. تربطني حبال على جذع شجرة مثمرة .. و أن الثمارتتساقط فوق رأسي ..  و أن الأصدقاء يبتسمون ، و أنا أتسائل .. لم لا يفكون وثاقي إلى الحرية ؟  فأصرخ بهم لأستيقظ  ..
أستيقظ على لهب لا أعلم من أين جاء .. كاد ينال مني لولا أنني تجمدت للحظة ، و أغدو أتسائل عن فحوى الحلم .. و أنا هنا أين الديل على كل شيء .. طريق أسير فيه وحدي ، و عالم يحتويني وحدي الآن ، ولا مخرج لي ، و ينالني الإرهاق تارة .. فأفكر بالقفز في الظلام .. لكنني .. ولا أزال ، أسمع أصواتا في المدى .. ولا أعلم من أين جائت .. أمن الظلام حقا ؟
و يمنعني الآن من أن أجن .. صوت بعيد ، و أمل ضئيل و حلم واسع لا ينتهي .



4- نوفمبر - 2014
الثلاثاء




الثلاثاء، 14 أكتوبر 2014

على غير ميعاد

يوقظني الزمن على غير ميعاد بصباح هادئ لم تشرق شمسه بعد ،  كائناته على وشك التحرر من نوم دام طويلا .." سبات الشتاء ؟ "  يبدو لي الطقس خريفيا هذه الأيام .. و إن كان الطقس في قلبي ..
" سلام ؟  " لربما نفحة من سلام ، و نفحة من ألم اعتصر القلب و نفحة من أمل ، كل ذلك فيمن أحب .. و ما أحب .. ولو أننا لا نحب !
لو أننا لا نحب .. لا نغني لحلم جميل .
لو أننا لا نحب ..  لا نلامس برعما كما لو كان رضيعا ..  للتو استفاق من الجوف إلى جوف الكون ..
لو أننا لا نحب ، ما كتبنا يوما .. ما رسمنا و ما عرفنا روعة أو دهشة للأرض أو للكون .
نحب .. و إن قررنا أن نكره .. فنحن نحب أكثر أشياء أخرى و إن لم ندر عنها ، و نحب أن نحب دون أن ندري ..
ونحب أيضا .. أن يضيع الحب دون أن ندري .
و أتحاشى قافية .. ترى أكانت في الكلمات ؟ أم أن قلبي له ترنيمة تدق بقوة على بابه ..  تريد أن تجد الضوء .. و أعلم أني إن فتحت الباب ..  طار قلبي .. و جرى لي ما جرى للعاشقين من قبلي .. فراشات و نار ، معرفة و تيه ..

ذلك التيه الذي لا تعود منه مجددا
و هذا صباحي قد بدأ ، و قلبي يريد أن يخبر أكثر ، عيني تتغاضى حلما ألح عليها .. و روحي مثقلة بأكذوبة ربما لأجل أن " نحيا " و لا نحيا إلا بلا روح مثقلة ..
ثم إن " من الكائنات " ما لا يحيا إلا بأكذوبة ..
و أكذوبتي صدق لم يأن أوانه بعد ..
أولسنا بشرا لم نحيا بعد ؟ حلما لم يحدث بعد ؟ توقا لم يصل بعد .. و رسالة مع زاجل قد تاه  ..
و لست أدري الآن . سوى أن عيني
تلح علي بحلم ..
و لعلي الآن أنام .. لكي أصحو به ، أو لعل الأوان قد فات  .


السبت، 11 أكتوبر 2014

توق إلى الأصل





بين السماء و الأرض .. برزخ .. بين توقي و اشتياقي برزخ آخر .. وبين كلماتي و عوالمي أيضا  .. برزخ ،  و كأنما كان اليوم ذكرى الدهشة و العبرات المفاجئة .. و العوالم التي لا تنتهي ..
" كيف لهذا الجمال أن ينتهي ؟ " أحتار و أنا أنظر للسماء .. " لأي مدى تمتد سماء قلبي "  أتسائل .. و أغدو كطير هناك فرد جناحيه للريح بلا عبء  و أحلم كطفلة .. ولا أنام .. و أحلق بالأماني مع أزرق و أبيض و أشتياق بلون دمي .. و أدعوا .. أدعوا مليا ، و لا أكف عن الدهشة .. في حضرة كل الألوان الكونية ..
رباه كم من جمال ! فماذا أخفيت لنا بعد ..
و أتظاهر أني اعتدت الأمر ، و لكن قلبي يهفو .. و جسدي يخفق رهبة و قدسية .. "  إن الله إذا تجلى خشع كل شيء " يقول قلبي  ..  وها أنا في الحضرة سكران  " تجلى بجماله في الكون "  .. فخشعت و ما بي طاقة أن أشيح النظر ..
ضميني يا سماء لأبعد من ذاتي .. ضميني إلى هذا الجمال .. و اجعلينا منك و فيك .. و إليك .. و أجمل .. أجمل مما أتخيل .

أمطريني

أمطريني يا سماء ، بكل الأطياف اللامعلومة في دنياي ..
و خذني يا سحاب بعيدا معك .. إلى هرة .. و ضفاف نهر .. و برهة عند طائر السنونو .. لأمتطيه كما الحكايا القديمة نحو أحلامي .. و كلي و ذاتي .
أمطريني يا معان ، لحظة الحزن ، و لحظة الشوق ، و لحظة الألم ، و لحظة لا أدري أين أنا من ذرات الكون ..
أخلصي لي في وحدتي ، واستعيني بأملي وقلبي كي تعيشي غدا ..
و أسعفيني يا حروف .. حيرى أنا في عالم الحيرة ، أين الأبدية ؟ أين البداية والنهاية ؟ و أين اللحظة ؟  وكم لحظة تحتمل اللحظة ؟ أسعفيني بملئ إرادتك ، أسعفيني حرة غير مضطرة .
و لتغمرني ابتسامة طفل .. آخر الليل لأصلي لرب السماء و الأرض .. أن حمدا لك  وشكرا على هذا النقاء ..
طهريني يا دموع من عبث الحياة .. و اسلخي مني توقي لأحيا دنيا ..
و ازرعيني بذرة لأحيا أبدا .