البيت ،
هناك تعود لتسترخي بعد يوم طويل ، تجلس على كرسيك الهزاز آخر النهار .. تطالع من
النافذة زهرة الياسمين و آخر لحظات الشمس قبل الغروب . تخرج تنهيدة من تعب النهار
، ثم تلمس الطاولة الخشبية الصغيرة بجانبك باحثا عن فنجان قهوتك . ترتشف للحظات ،
ثم تعود لتبحث فيها عن صورة الأحبة ... كم تشتاق إليهم أنت ! ينبض قلبك بدقات
كالموسيقى لروعة الذكريات حينها ، ثم يهدأ ليسترخي مع كل اهتزازة يصدرها كرسيك ...
أو بالأحرى كرسي جدتك الراحلة .
من هنا
تطالع جدولا من الماء في باحة فنائك ، بجانبه تمكث العصافير حيث نثرت لها الحب في
آخر مرة ، تلك العصافير لا تعلم أنك نثرت الحب بحثا عن تغريدة فيك تمنحك صفاء
نهاية النهار . لا تحزن على من رحل عنك ، فهم حولك كهذه العصافير ، يحلقون و يغردون شيئا من الألحان السماوية و يطوفون
حولك .
قطة
ابنتك الصغيرة حمراء الوجنتان تجوب أرجاء بيتك الخاوي ، ربما مرت بمزهرية عتيقة
فكسرتها ، أو عادت تجوب غرفة صاحبتها تبحث عن أثر لها ، تقفز على سريرها تارة ،
تخربش شيئا من خشب السندان العتيق ، ليعيد إليك كل خدش صغير رائحة صغيرتك .
كم تحب القطة المشاكسة !
هناك على الزاوية تحفة محبوبتك ، لمساتها تملأ أرجاء المنزل ! كم عاتبتك حين أسات اختيار الألوان ... تبتسم خلسة وحيدا حين تتذكر لمساتها الجنونية في الأرجاء ! فمن يخلط الاوان مثلها ! ألوان الفرح و البهجة ، وشيء من الإلهام معها . زوجتك لم ترحل ... ربما هي ذلك البلبل على الشجرة . ألا تراه يتأملك كل صباح بشغف ، يغرد لك .. ثم يحلق .
كم تحب القطة المشاكسة !
هناك على الزاوية تحفة محبوبتك ، لمساتها تملأ أرجاء المنزل ! كم عاتبتك حين أسات اختيار الألوان ... تبتسم خلسة وحيدا حين تتذكر لمساتها الجنونية في الأرجاء ! فمن يخلط الاوان مثلها ! ألوان الفرح و البهجة ، وشيء من الإلهام معها . زوجتك لم ترحل ... ربما هي ذلك البلبل على الشجرة . ألا تراه يتأملك كل صباح بشغف ، يغرد لك .. ثم يحلق .
كل هذا
من كرسيك الهزاز صديقي ! اخرج قليلا وسر بين أشجارك قليلا ... لا ... ابق حيث انت
! أخاف أن تذكرك نسمة ما بين الأوراق الخضراء يوما أخضر آخر ، أخاف أن يختبئ
السنجاب عند رؤيتك تخرج كما كان يفعل الأحبة مازحين .. عد إلى منزلك و أوقف سيل
الذكريات هذا ... فأنت تعلم مثلي انه لا جمادات في القلب ، تعلم ان الحائط يتذكرك
في كل طرقة عليه و أن بيتك ذكرى أنت أسيرها .
لو أننا
نحتفظ بمن نحب كما نحتفظ ببيوتنا لقرون ... لو أنهم لا يرحلون ، لو أن الجمال يبقى
فيهم كما عهدناه ، لو اننا لا نتغير عنهم .. ولا يتغيرون عنا .