في كل مرة يدور الحوار
" أنا أدرك شعورك " ، "أنا أفهمك" ، " انا أحس بك " ، كلا ... أنت لا تدرك شيئا ولا تتفهم مني شيئا .. و انت .. لا تحس بي .
أنت لم تكن مطلقا أنا ، لم تجرحك تلك الكلمات الصغيرة التي ألقاها عليك الصغار .. انت لم تدرك انني كنت أضحك من الألم ، أنت لا تعلم ما تغير فيني ، ولا تعرف مقدار القسوة التي حلت على روحي ...
إن ظننت انك تفهمني للحظة فأعد النظر ..
في كل مرة كنت تنظر فيها إلى ذاك الشاب الضائع ..يدخن سجائره ، ويقود سيارته بتهور في الطرقات ، كنت دائما تقول لي : ياله من فاشل .. ضائع .. مستهتر بالحياة ، ولكنك لم تتوقف لحظة لتدرك ان هذه السيارة ، و علبة السجائر ، و الوشم الزاهي على كتفيه .. هو غطاء للألم ...
لم تدرك أنه وفي كل مرة يسرع فيها إنما هو هارب من الماضي المظلم ، ينشد الأمان في بقعة يجدها حين تكون حياته في كفة يد .. و موته في الكفة الأخرى ، ذلك الشعور يمنحه سعادة لا ندركها .. يخلصه من الآلام للحظات .. يسكره عن هموم الدنيا التي حملها في جوفه .. هو مثلك كان يبحث عن الامان .. انت وجدته ، ولكنه ما زال يبحث ..
فلا تقل لي .. أنك تدرك شيئا
نحن كالمعادن تصقلنا النيران ، فنارك التي صقلتك غير ناري .. عذابك غير عذابي .. تألمك شيئ و تألمي شيئ آخر .. فأنا و أنت مختلفان .
فلا تقل لي .. أحس بك
وأنا أيضا ، لا أدرك شيئا ، لا أفهمك ، لا أحس بك ، لأنك عانيت تواسيني .. ومعاناتك هذه شيء آخر لا أفهمه .. لم تفقد الأمل ، وتألمت ، تألمت لي .. و ألمك هذا قد لا أدركه ...
ولكن أتعلم .. انت مثلي ، أنت انا و خياراتي الضائعة التي لم أخترها .. أنت حياتي الأخرى مني في هذا العالم
أنت قلبي الذي نما بماء آخر
إن كنا لا نفقه آلام الآخر
فلنا أرواح تتلاقى كل يوم
أرواح لا تحتاج ان تجرب ماضيك حتى تعرفك
أرواح بصيرة بعالمك
فإن كنت تقرأ روحي .. سأثق بأنك
تدركني ..تفهمني .. تحس بي